×
دروس وفتاوى الحج

فهذه التَّلبيةُ التي نُردِّدُها ونرفعُ أصواتَنا بها هي إعلانٌ للتَّوحيدِ وبراءةٌ من الشِّرك، فتذكر - أيُّها الحَاجُّ - معنى هذه التَّلبيةَ ولا تُخالِفْها بانحرافٍ عن معناها إلى ما ترى من عملِ بعضِ النَّاسِ تُقلدهم وتُتابِعهم من غيرِ بصيرة، هذا شيء.

والشَّيء الثَّاني: أنَّ النَّاسَ حينما يَقِفون عرفةَ جميعًا باختلافِ أجناسِهم وألوانِهم وأصواتِهم ولغاتِهم، كلُّهم يتوجَّهون إلى ربٍّ واحدٍ إلى الله سبحانه وتعالى، لا يتوجهون إلى وثَنٍ ولا إلى قَبْر ولا على وَلي، وإنَّما يتوجَّهون جميعًا ويَجأرُون بالدُّعاءِ لله عز وجل، هذا درسٌ عظيمٌ للمسلمين في التَّوحيدِ من أجلِ أنْ ينصرفوا إلى ربٍّ واحدٍ ويلهَجُون بتلبيةٍ واحدةٍ ويَتَضرَّعُون إلى اللهِ جل وعلا وتغيب عنهم كل المعبودات من دون الله، هذا تعليم للتوحيد وإصلاح للعقيدة ودرس مفيد للمسلم يتذكره في جميع حياته.

كذلك في دعاءِ عرفةَ قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ([1])، وهذا خيرُ ما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وسمَّاه دُعاءَ عَرَفة؛ لأنَّ الدُّعاءَ على نوعين:

النَّوع الأول: دعاءُ عِبادة، قول: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» هذا دعاءُ عبادة والثَّناء على الله عز وجل هذا كلُّه دعاءُ عبادة.

النَّوع الثاني: دعاءُ المسألةِ بأنْ تسألَ اللهَ أنْ يغفِرَ لك، وأنْ يرحمَك، وأنْ يرزُقَك، وأنْ يهديَك، وأنْ يُثبِّتَك، وأنْ يغفرَ لوالدَيك، وأنْ يغفرَ لأولادِك، وأنْ يغفرَ لإخوانِك، هذا دعاءُ مسألةٍ، تسألُ اللهَ عز وجل.


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (3585).