×
دروس وفتاوى الحج

ثانيًا: لا بُدَّ من العَمَل بمُقتَضَاها، فإذا اعترفْتَ أنَّ العبادةَ للهِ وأنَّ عبادةَ غيرِ اللهِ باطلةٌ فيجِبُ عليك أنْ تعملَ بهذا، بأنْ تُفرِدَ اللهَ بالعبادةِ وتترُكَ ما سواه؛ فإنَّ العبادةَ لا تصلُحُ إلا لله سبحانه وتعالى، من دعاءٍ واستغاثةٍ وذَبحٍ ونَذرٍ وصَلاةٍ وصِيامٍ وحَجٍّ وعمرةٍ وغير ذلك، لا تَصلُح العبادةُ إلا لله، كما قال تعالى  ﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ  [الذاريات: 56] وقال تعالى: ﴿ وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ [النساء: 36]. وقال تعالى: ﴿ وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25].

والآياتُ في هذا كثيرةٌ وهي تُبيِّنُ مضمونَ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» ومُقتضَاها، فإيَّاك إيَّاك أن تقتصِرَ على التَّلفُّظِ بها دونَ معرفةٍ لمعناها ودونَ عملٍ بمُقتضَاها؛ فإنَّها لا تَنفعُكَ حينئذ، إنَّما تنفعُ مَن قالها عالمًا بمعناها عامِلاً بمُقتَضاها ظاهِرًا وباطِنًا، هذا هو الذي تنفعُه «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ».

أمَّا مَن قال: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» ثُمَّ قال: يا فُلان الميت! يدعو ميتًا أو غائبًا أو إنسًا أو جنًّا، يدعُو غير الله فإنَّه قد أفسدَ وناقض «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»، يقولها بلسانِه ثُمَّ يَنقُضُها ويُبطِلُها بفعلِه! فأين معنى «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» الذي قُلته في عَرفَةَ ورفعْتَ به صوتَك؟ أمَا تتأمَّل؟! أما تتدبَّر؟!

كذلك من مظاهرِ العقيدةِ والتَّوحيدِ في الحج: حينما يطوفُ المسلمون بالبيتِ ويَسعَون بين الصَّفا والمَروةِ فإنَّهم بذلك يتعلَّمون ويُعلِّمون أنَّه لا يُطَافُ بشَيءٍ في الأرضِ إلا بهذا البيتِ العتيق.

﴿ وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ [الحج: 29]. فلا يُطَافُ بالبِناياتِ أو الأضرحةِ أو بالقُبُورِ أو بالمَقامَات؛ فإنَّ هذا تشريعُ دين لم يأذنْ به


الشرح