×
دروس وفتاوى الحج

ومن فضائلِ هذا البيت، أنَّ من حجَّه أو اعتمرَه ابتغاءَ وجهِ اللهِ عز وجل، أنَّ اللهَ يغفرُ له ذنوبَه ويَرجعُ كيومِ ولدتْهُ أمه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ([1])، يعني: مَغفورًا له ذنوبُه وخطاياه.

ومن فضائلِ هذا البيت، أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى جعَل له حَرَمًا يحيط به من جميعِ النَّواحي.

وهذا الحَرمُ له أحكام، بيَّنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أنَّه لا يجوزُ ابتداءُ القتالِ فيه إلاَّ في حقِّ من اعتدَى على المسلمين فإنَّه يُقاتَل ﴿ وَٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلۡنَٰهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلۡعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلۡبَادِۚ وَمَن يُرِدۡ فِيهِ بِإِلۡحَادِۢ بِظُلۡمٖ نُّذِقۡهُ مِنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ [الحج: 25].

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَّا دخلَ مكَّة عامَ الفتحِ لابِسًا السِّلاحَ دَخلَها هو وأصحابُه وفتَحُوها، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ أبَاحَهَا لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة» ([2])، فهذا خاصٌّ حدًّا من الحُدُودِ فيها فإنَّه يُقام عليْه الحَد.

وكذلك من أحكامِ هذا الحَرمِ أنَّه لا يُعضَّد شجرُه أي: لا يُقطَع شجرُه الأخضرُ الذي يَنبُت فيه، ولا يُختلى خلاه يعني: لا يُؤخَذ نباتُه البَرِّيُّ الذي يَنبُتُ فيه، لكن لا مانعَ أنْ تُترَكَ البهائمُ تَرعَى فيه، إنَّما الممنوعُ أنَّ بني آدمَ يأخذون الكَلأ، كما يَأخذُونه من سائرِ الفَلَوات.

هذا الحَرَمُ لا يجوزُ لأحدٍ أنْ يقطَع شجَرَه، ولا أنْ يأخُذَ من نباتِه البرِّي، أمَّا ما يزرعُه النَّاسُ أو يَغرسُونه في مزارعِهم أو في بيوتِهم


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1819)، ومسلم رقم (1350).

([2])أخرجه: البخاري رقم (104)، ومسلم رقم (1354).