وأمَّا الحجُّ فقد
تأخَّرت فريضتُه إلى السَّنة التَّاسعة على المشهور، وقيل قبلَ ذلك، لكن الرسول
صلى الله عليه وسلم لم يَحُج إلا في السنة العاشرة؛ لأنَّ المشركين كانوا يَطوفون
بالبيتِ وهم عُرَاة، ويظنون أنَّ هذا طاعةٌ لله سبحانه وتعالى ويقولون: نحن لا
نطوفُ بثياب عصينا اللهَ فيها، زيَّن لهم الشَّيطان هذا، فيطوفون وهم عُرَاة،
إلاَّ من وَجد مَن يُعطِيه ثَوبًا من أهلِ مكَّة؛ فإنَّه يطوفُ به، وإلاَّ فإنَّه
يتعرَّى، فاحشتان عظيمتان:
الشِّركُ باللهِ عز
وجل، وكَشفُ العوراتِ في المسجدِ الحرام، فلذلك لم يَحُج النَّبيُّ صلى الله عليه
وسلم إلا مُتأخِّرًا مع أنَّ اللهَ فرضَ عليه الحَج.
وأرسلَ أبا بكرٍ
الصِّدِّيق يَحُجُّ بالنَّاسِ نيابةً عنه، وأرسلَ عليًّا بنَ أبي طالبٍ مع أبي بكرٍ
يُنادي في النَّاس: «لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ
بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» ([1])، فلما طهَّر اللهُ
بيتَه وطهَّر المسجدَ الحرامَ من المُشركين ومِن العُراةِ حجَّ النبيُّ صلى الله
عليه وسلم في السَّنةِ العاشرةِ حَجةَ واحدةً فإنَّه لم يَحُج بعدَ البعثةِ إلاَّ
هذه الحَجَّة، وتُسمَّى حَجَّة الوداع؛ لأنَّه وَدَّع النَّاسَ فيها وقال: «خُذُوا
عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ؛ لَعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا» ([2])، وتُوفِّي بعدَها
صلى الله عليه وسلم، وأمَّا العُمرةُ فقد اعتمرَ أربعَ مرَّاتٍ بعدَ البَعْثة.
العُمرة الأولى: اعتمَر عمرةَ
الحُدَيبية، وصدَّه المشركون فنَحَر هَديَه وحلَقَ رأسَه ورجَع إلى المدينة.
العُمرة الثانية: ثُمَّ اعتمَر بعدَها عُمرةَ القَضَاءِ أو القَضيَّة التي قَاضَى عليها المشركين بأنْ يرجِعَ ويعتمِر من العامِ القادم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد