فهو الخروج عن طاعة الله سبحانه وتعالى، وهو
يشمل جميع المعاصي كبائِرَ أو صغائِرَ، كلِّها تُسمَّى بالفُسوق؛ لأنها خروجٌ عن
طاعة الله، فالمُحرِم يتجنَّب المعاصي حالَ إِحْرامه كبيرةً أَوْ صغيرةً؛ لأَنَّها
لا تتناسب مع إِحْرامه، وإن كانت المعاصي مُحرَّمةً ويجب اجْتنابُها في كلِّ
الأَحْوال، لكنَّ المُحرِمَ من باب أولى؛ لأَنَّها تؤثر على إِحْرامِه ونُسكِه.
والحريُّ بالمُحرِم
أَنْ يشتغلَ بالطَّاعات والعباداتِ والذِّكْرِ والاستغفارِ والتَّلْبيةِ، لا أَنْ
يدخل على إحْرامه شيئًا من المعاصي والمخالفاتِ لأوامر الله وأوامرِ رَسُولِه صلى
الله عليه وسلم.﴿
وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ ﴾
[البقرة: 197] الجدال هو: المخاصمة، والمخاصمة
على قسمين: إن كانت المخاصمة في أُمور الدُّنْيا، أَوْ أُمورِ الكلام والنِّقاشِ،
فهذه لا تجوز للمُحرِم؛ لأَنَّها تُشْغِلُه عمَّا هو فيه من العبادة، ولأَنَّه قد
يلحَقه إِثْمٌ بسببها، أَمَّا إذا كان الجدال والمخاصمةُ لمصلحةٍ راجحةٍ في
الدِّين، كبيان الحقِّ أَوْ ردِّ الباطل، أَوْ تعليمِ الجاهل فهذا عبادةٌ ولا
يتنافى مع الإِحْرام؛ فالمُحرِمُ إذا كان عالمًا له أَنْ يُناظرَ أَهْلَ الباطل
وأَهْلَ الضَّلال من أَجْلِ أَنْ يرُدَّ شُبْهتَهم ويُبيِّنَ أَخْطاءَهم؛ لأَنَّ
هذا من نُصْرة الدِّين، والله جل وعلا يقول: ﴿ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ
﴾ [النحل: 125].
فلا يتخاصمْ مع
النَّاس ويتجادلْ معهم، وأَشدُّ من ذلك لو تضارب مع النَّاس أو قتل أَحَدًا، هذا
أَشدُّ، إذا كان الجِدال منهيًّا عنه، وهو المخاصمة، فكيف بالفعل والتِّعدِّي على
النَّاس في دِمائِهم وأَمْوالِهم وأَعْراضِهم، هذا أَشدُّ تحريمًا، فإذا كان
الجِدال ليس فيه ردُّ باطلٍ ولا نُصْرةُ الحقِّ، فهذ لا يتناسب مع الإِحْرام؛
لأَنَّه يُورِث البَغْضاءَ بين النَّاس والعداوةَ بين المتجادلين، ويأَخُذُ على
الوقت، وهو الجدال العقيمُ الذي لا فائِدةَ فيه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد