×
دروس وفتاوى الحج

 يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا [النساء: 40]. فأنت افعل الخير، ولا تقلْ ذهب أو ضاع، أو نسيه فلانٌ وعلاَّنٌ، فهو محفوظٌ عند الله جل وعلا يعلمه الله، ويكتبه ويُنمِّيه سبحانه وتعالى، الحسنةُ الواحدةُ بعشر أَمْثالِها إلى سبعِمائةٍ ضِعفٍ ﴿ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261]. يزيد من عنده - سبحانه - ما لا يُحصى فالتِّجارة مع الله رابحةٌ قطعًا، وليس لرِبْحِها حدٌّ محدودٌ بعددٍ، بل هو يرجع إلى فضل الله جل وعلا وحَسَبَ نِيَّةِ العامل.

ثم قال: ﴿ وَتَزَوَّدُواْ [البقرة: 197]. لمَّا نهى عن الرَّفَث والفُسوقِ والجِدالِ، أَمَرَ بما هو ضدُّها وهو التَّزوُّد من الأَعْمالِ الصَّالحةِ، وجَّه المُحرِمَ إلى أَنْ يشتغلَ بالأَعْمالِ الصَّالحةِ بَدَلَ أَنْ يشتغلَ بالأَعْمالِ غيرِ الصَّالحة. ﴿ وَتَزَوَّدُواْ [البقرة: 197]. يشمل الزَّاد الحِسِّيَّ، الذي هو أخذ النَّفقة للحجِّ بحيث لا يحتاج إلى النَّاس، ويكون عالةً على النَّاس؛ ولهذا لم يُوجبِ اللهُ الحجَّ إلا على المستطيع.

قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ [آل عمران: 97]. والسبيل هو: الزَّاد والمركوبُ، الذي يركبه ويحمل عليه متاعَه ذَهابًا وإيابًا، ومن لا يستطيع ذلك ليس عليه حجٌّ، ولا يقول: أنا ليس لديَّ شيءٌ، لكن سأَحُجُّ مع النَّاس، والنَّاس يتكفَّلون بي. لا، إن كان لديك شيءٌ فحُجَّ، وإِلاَّ أَجِّلِ الحجَّ إلى وقتٍ آخَرَ، لكن لا يمنع هذا، لو أَنَّ مسلمًا تبَرَّع من ماله وحملَ الحُجَّاجَ دون أن يطلبوا منه شيئًا، وإِنَّما هو نفسه بدأَ بهذا وتبَرَّع، لا مانعَ أَنَّك تحُجُّ معه، إذا كنت محتاجًا وليس معك شيءٌ، أَمَّا إذا كنت غنيًّا فالأَحْسن أَنَّك تتعفَّف وتكتفي، الله أَغْناك؛ فاسْتَغْنِ عن النَّاس.


الشرح