﴿ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ ﴾ [البقرة: 197]. لمَّا أَمَرَ بالزَّاد الدُّنْيويِّ،
أَرْشد إلى الزَّاد الأُخْرويِّ فقال: ﴿ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ
﴾ [البقرة: 197].
السَّفر في الدُّنْيا زاده الطَّعامُ والشَّرابُ والمركوبُ والنَّفقةُ
والدَّراهمُ، وأَمَّا السَّفر إلى الآخرة فإِنَّ زادَه التَّقْوى، وهي الأَعْمالُ
الصَّالحةُ، بفعل الأَوَامر وتركِ النَّواهي؛ طاعةً لله ورغبةً في ثوابه وخوفًا من
عقابه، هذه هي التَّقْوى.
ثم قال جل وعلا: ﴿ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ
﴾ [البقرة: 197].
لمَّا حثَّ على التَّقْوى وبيَّن أَنَّها خيرُ الزَّاد أَمَرَ بها ﴿ وَٱتَّقُونِ ﴾ [البقرة: 197]. يأمرنا جل وعلا أَنْ نتَّقيَه، كيف نتقي
الله؟
أَنْ نفعلَ ما
أَوْجَبَه اللهُ علينا وأَنْ نترُكَ ما حرَّمه اللهُ علينا، هذه هي التَّقْوى، فلا
تحصل التَّقْوى إلا بالطَّاعة، لا تحصل بغير الطَّاعة ﴿ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ
﴾ [البقرة: 197]. أي
اتَّقوا عذابي واتَّقوا غَضَبي، اجعلوا وِقايةً بينكم وبين ما تحذرون من طاعة الله
سبحانه وتعالى.
والألباب: العقول،
يُخاطِب العُقلاءَ الذين يستمعون لنداءِ الله عز وجل، والعقل على قسمين: عقلٌ
معيشيٌّ، يعرف الإنسان كيف يبيع ويشتري ويتصرف مع النَّاس، هذا عقلٌ معيشيٌّ،
لكنَّ العقلَ الصحيحَ هو العقل الذي يدلُّك على طاعة الله جل وعلا، العقلُ
الصَّحيحُ هو الذي يمنعك من المضارِّ، ويُرغِّبك في الخير، ويُميِّز لك بين
الضَّارِّ والنَّافع، هذا هو العقلُ الصَّحيحُ، وأما العقلُ المعيشيُّ فهذا يحصل
للبهائِم، البهائِم تعرف مصالحها، تعرف مضارَّها، فلا ميزةَ للإِنْسان عن البهائِم
في العقلِ المعيشيِّ، إنما الميزة في العقل الذي ينفعك عند الله سبحانه وتعالى؛
ولهذا قال: ﴿
يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ﴾ [البقرة: 197].
لأَنَّ غير العقلاءِ لا يُصْغون لنداءِ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد