فالغِيْبةُ هي المُنكَرُ نفسُه؛ لأنَّه لا
يترتّب عليها فائدة، أمَّا النَّصيحةُ فهي مَطلوبة، إذا رأيتَ على أخيكَ عَثْرةً
أو زَلَّةً أو نَقِيصة في دينِه؛ فإنَّه يجِبُ عليك مُناصحتُه سِرًّا، بينَك وبينَه
مع الاحترامِ ومع الكلامِ الطَّيِّب، تَنصحُه وتُبيِّنُ له، وأمَّا الكلامُ فيه
وهو غائبٌ في مجالسِ النَّاس، فهذا هو المنكر وليس من إنكارِ المُنكَر، إلاَّ إذا
كان ذلك على وَجْهِ إبلاغِ مَن يأخذ على يدِه ويمنعه من جُرْمِه.
كذلك النَّميمة وهي: الوِشَاية بأنْ يمشيَ بالنَّميمةِ يجيءُ هذا ويقول: «قَالَ فيكَ فُلان كذا وكذا»، ثم يذهب إلى الآخر ويقول: «قَالَ فيكَ فُلان كَذا وكَذا» فالنَّمِيمةُ هي نَقْلُ الحديثِ بينَ النَّاسِ عَلى وجهِ الوِشايةِ فيما بَينهم، والنَّميمةُ من كبائرِ الذُّنوب، قال اللهُ سبحانه: ﴿ وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ ١٠ هَمَّازٖ مَّشَّآءِۢ بِنَمِيمٖ ١١ مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ ١٢ عُتُلِّۢ بَعۡدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ ﴾ [القلم: 10- 13]. والنَّمامُ من يَمشي بالنَّميمة، وقد مرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَبرين فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ»، فقد أطلَعَه اللهُ عز وجل على المَيِّتَين في القَبْرين أنَّهما يُعذَّبان من أجلِ البيانِ للأُمَّة، وهذا من مُعْجِزاتِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم أنَّ اللهَ يُطلِعُه على شيءٍ من الغَيب، ومن الغَيْبِ أحوال المَوْتى في القُبُور، هذا من الغَيْب، النَّاس يمرون على القُبورِ ولا يدرون أنَّ أصحابَها يُعذَّبون، والرَّسول صلى الله عليه وسلم علِم ذلك فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، بَلَى؛ إِنَّهُ كَبِيرٌ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»، هذا الشَّاهد من الحديث «وَأَمَّا الآْخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ» ([1])، يعني: يَتساهل في البَوْلِ يُصيبُ جِسمه ويُصِيب ثوبَه ولا يستنجي ولا يستجمر من البَول؛ لأنَّ البَولَ نَجَاسة، فإذا تَبوَّلَ
([1])أخرجه: البخاري رقم (218)، ومسلم رقم (292).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد