×
دروس وفتاوى الحج

 فيها وأنْ يبقَى فيها ليلاً ونهارًا، وبقاؤُه النَّهارَ مُستَحَب، وفي الليلِ واجب، وكونُه يمضِي الوقتَ في مِنَى هذه الأيَّام أفضل له من أيِّ عملٍ آخَر، لكنْ نرى بعضَ النَّاسِ لا يَصبِرون على البَقاءِ حتى ولو وجدوا فيها منازلَ يذهبون ويَستأجِرون غُرَفًا وشُققًا مُؤثَّثة ومُبَرَّدة ومُرفَّهة، ويَحرِمون أنفسَهم من البقاءِ في مِنَى، وما يَجدُونه من الحَرِّ فيها ومن الضِّيقِ فيه فهُو في سبيلِ اللهِ عز وجل؛ لأنَّ الحَجَّ جِهاد، فلماذا يَحرِمون أنفسَهم من هذا الأجر؟ لا نقولُ إنَّ سَكَنهم في العَزِيزيةِ وفي الشُّقق مُحَرَّمٌ، لكن نقول: فَوَّتُوا على أَنفسِهم أجرًا كثيرًا، جاؤُوا من أجلِه، ما جاؤوا من أجلِ الرَّفَاهيةِ والنُّزهة، وإنَّما جَاؤوا للعِبادةِ، فلماذا لا يَصبِرون على مِنَى وحَرِّها وما فيها من ضِيق، وهي أيَّامٌ مَعدُودات ليَحصُلوا على أجرٍ عظيم، والحجُّ جهادٌ ليسَ نزهةً وفُرْجَة.

فالجهادُ: بذلُ الجُهدِ في طاعةِ اللهِ سبحانه وتعالى، فالمَبيتُ في مِنَى والبقاءُ فيها هذه الأيَّام هو من ذِكرِ اللهِ وعبادةٌ لله عز وجل، ومَن لم يَحصُلْ على مَنزِل في مِنَى؛ فإنَّه يَنزِلُ في طَرفِ الحُجَّاجِ خارجَ مِنَى؛ لقوله تعالى: ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ [التغابن: 16].

ثانيًا: ومِنْ ذِكْرِ اللهِ في هذه الأيَّامِ المَعدوداتِ الصَّلواتُ الخَمْس في مِنَى، كما فعلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فإنَّه أقامَ في مِنَى هذه الأيَّامَ وصلَّى فيها الصَّلواتِ الخَمْس، في كلِّ يومٍ وليلة، يَقصُرُ الصَّلاةَ الرُّبَاعيةَ الظُّهرَ ركعتين والعَصرَ ركعتين والعِشاءَ رَكعتين، ولا يَجمَعُ بينَ الصَّلوات، بلْ هو قَصْرٌ بِلا جَمْع؛ لأنَّ الحَاجَّ مُقيمٌ والجَمعُ إنَّما يُحتاجُ إليه لمَن جَدَّ به السَّيرُ أو المريض الذي يَحتاجُ إلى الجَمْع، أمَّا المُقيمُ فإنَّه يُصلِّي صَلاةَ مُسافِرٍ لكن لا يَجمَع، بل كلُّ صلاةٍ في وقتِها كمَا فعَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.


الشرح