لنبيِّنا محمد: ﴿ وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]. واليقينُ هو الموتُ، أيْ لازِمِ العبادةَ
إلَى الموتِ؛ ولهذا قال بعضُ السَّلَفِ: ليس لعملِ المُسلمِ غَايَةٌ دُونَ الموتِ،
ليس له نِهايةٌ إِلاَّ الموتَ.
النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1])، فعَمَلُ المسلمِ لا يَنقطِعُ إلا بالموتِ ﴿ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ ﴾ [المعارج: 23]. ﴿ وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9]. يُحافظونَ عليها، لا يُصلِّي أيَّامًا ويَتْركُ أيَّامًا، أو يُصلِّي وَقْتَ الحَجِّ، ويَترُكُ الصَّلاةَ بعدَ الحَجِّ، هذا ضَياعٌ. الحَجُّ إِنَّما هو نَوْعٌ واحدٌ مِنَ الأعمالِ، وقبلَهُ أعمالٌ آكَدُ مِنْهُ: التَّوحيدُ، وهو إخلاصُ العبادةِ للهِ، اتَّباعُ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، المُحافظَةُ علَى الصَّلاةِ، إيتاءُ الزَّكاةِ، صَومُ رَمضانَ، هذا كُلُّهُ آكَدُ مِنَ الحَجِّ، فلا بُدَّ أنْ تُحافِظَ عَلَى أركانِ الإسلامِ الخمسَةِ، لا بُدَّ مِن هذا معَ أركانِ الإيمانِ السِّتَّةِ: تُؤمِنُ باللهِ وملائكتِهِ وكُتُبهِ ورسُلِه واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنُ بالقَدَرِ خيْرِهِ وشَرِّهِ، تُحافِظُ على أركانِ الإسلامِ الظَّاهِرَةِ وعلَى أركانِ الإيمانِ الباطنةِ، لا بُدَّ أنْ تَجتمِعَ عِندكَ الأركانُ كُلُّها: أركانُ الإسلامِ، وأركانُ الإيمانِ، وأعلَى من ذلك إذا زادَ يَقينُكَ وإيمانُكَ باللهِ، وهذا هو الإحسانُ؛ فتعبدُ اللهَ كأنَّكَ تَراهُ؛ فإن لم تكُنْ تراهُ فإِنَّهُ يَراكَ، والإحسانُ معناه الإتقانُ: إتقانُ الشيءِ وإتْمامُهُ؛ فإذا أَتْقنتَ دِينكَ فقد أحْسنْتَ، وإذا أخللتَ بشيءٍ من دينِك فقد أسأتَ، والإساءةُ ضِدُّ الإحسانِ، والإحسانُ يكونُ بينكَ وبينَ اللهِ بعبادتهِ وحْدَهُ لا شريكَ لَهُ ومُراقبَتِهِ، ويكونُ الإحسانُ بينك وبين النَّاسِ بأنْ: تعمَلَ المَعروفَ، وتَبْذُلَ النَّفعَ
([1])أخرجه: مسلم رقم (1631).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد