×
دروس وفتاوى الحج

 بالخواتيمِ، وأنتَ لا تَدرِي: متَى يَختِمُ لك الموتُ؟ لا تدري متَى يَنزِلُ؟ غَيَّبَ اللهُ الموتَ عن ابْنِ آدمَ؛ فلا يدْرِي: مَتَى؟ لأجلِ ألاَّ يُفرِّطَ؛ لأنه لو دَرَى الإنسانُ مَتَى يموتُ، بعدَ مِائَةِ سنةٍ، بعدَ عشرينَ سنةً، رُبَّما يُعطِي نفسَهُ الأمانِيَّ، ويَتكاسَلُ عَنِ الطَّاعاتِ، ويقولُ: مَعِي فُرصَةٌ، إذا لم يَبْقَ للموتِ إلاَّ أيامٌ قليلةٌ اجتَهَدْتُ، وتكونُ الخاتمةُ طَيِّبةً. مِن حِكْمَةِ الله أنَّهُ أخْفَى عنك الموتَ؛ حتَّى تكونَ دائمًا تَتوقَّعُ الموتَ، تكونُ دائمًا مُتخلِّصًا من الذُّنوبِ والمظالمِ، على استعدادٍ، متَى جاءك الموتُ ليلاً أو نهارًا، مِثْلُ المسافرِ، إذا أرادَ أنْ يُسافِرَ إلى بلدٍ يَجمعُ مَتاعَهُ، ويُهيِّئُ راحِلَتَهُ ومَرْكُوبَهُ، ويَتهَيَّأُ للسَّفرِ.

الموتُ سَفَرٌ، سَفَرٌ إلى الآخرةِ، سَفَرٌ لا رُجوعَ مِنهُ، أمَّا أَسفارُ الدُّنيا فإنَّها يُمكِنُ أنْ ترجِعَ، ويُمكنُ ألاَّ ترجِعَ، لكن الموت، لا تَرجِعُ، أَكِيدٌ أنَّك لا ترجِعُ، أينَ تذهبُ؟ تَذهبُ إلى الحسابِ، إمَّا إلى جَنَّةٍ، وإمَّا إلى نارٍ، وما الذي يُؤمِّنُكَ مِن هذا؟ ليس عندك مِن اللهِ ضَمانٌ أنَّكَ مِن أهلِ الجنَّةِ، إلا إنْ اتَّقيْتَ اللهَ عز وجل وعَمِلْتَ بطاعتهِ، فاللهُ لا يُضِيعُ أجْرَ مَنْ أحْسَنَ عمَلاً، لا يُضِيعُ أجْرَ المُحسِنينَ، وليس عندك ضَمانٌ أنَّكَ مِن أهلِ الجَنَّةِ، ألاَّ تخافَ أنْ تكُونَ مِن أهلِ النَّارِ؟ عليكَ أنْ تَحتاطَ لِنَفسِكَ، تأخُذَ نَفسَكَ بالعَزْمِ ضِدَّ الكَسَلِ والتَّساهُلِ، وخُذْهَا بالعَزْمِ، نَعَمْ لا تُكلِّفْ نَفسكَ بِمَا لا تُطيقُ أو تَشقَّ عليها، ولكن لا تَتساهَلْ، كُنْ مُتوسِّطًا. خَيرُ الأمورِ أَوْسَطُها، هذا هو المطلوبُ، توَسُّطٌ، واعتِدالٌ على الطَّاعةِ مِن غَيرِ تَشدُّدٍ ومِن غيرِ تساهُلٍ معَ المُداومةِ على طاعةِ اللهِ سبحانه وتعالى، حتَّى إذا جاءكَ الموتُ إذا أنتَ علَى عملٍ صالحٍ، على استقامةٍ.


الشرح